فصل: ما جاء فيمن تلزم النفقة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


نفقة الوالد على ولده المالك لأمره

قلت‏:‏ أرأيت المرأة الثيب إذا طلقها زوجها أو مات عنها وهي لا تقدر على شيء وهي عديمة أيجبر الأب على نفقتها في قول مالك‏؟‏ قال لا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الزمني والمجانين من ولده الذكور المتحلمين قد بلغوا وصاروا رجالا هل يلزم الأب نفقتهم‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن يلزم ذلك الأب لأن الولد إنما أسقط عن الأب فيه النفقة حين احتلم وبلغ الكسب وقوى على ذلك ألا ترى أنه قبل الإحتلام إنما ألزم الأب نفقته لضعفه وضعف عقله وضعف عمله فهؤلاء الذين ذكرت عندي أضعف من الصبيان ألا ترى أن من الصبيان من هو قبل الإحتلام قوي على الكسب إلا أنه على كل حال على الأب نفقته ما لم يحتلم إلا أن يكون للصبي كسب يستغني به عن الأب أو يكون له مال فينفق عليه من ماله فكذلك الزمني والمجانين بمنزلة الصبيان في ذلك كله أو لا ترى أن النساء قد تحيض المرأة وتكبر وهي في بيت أبيها فنفقتها على الأب وهي في هذا الحال أقوى من هذا الزمن ومن هذا المجنون وإنما ألزم الأب نفقتها لحال ضعفها في ذلك فمن كان أشد منها ضعفا فذلك أحرى أن يلزم الأب نفقته إذا كانت زمانته تلك قد منعته من أن يقوى على نفسه مثل المغلوب على عقله والأعمى والزمن والضعيف الذي لا حراك به‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن كانوا قد بلغوا أصحاء ثم أزمنوا أو جنوا بعد ذلك وقد كانوا قد خرجوا من ولاية الأب‏؟‏

قال‏:‏ لا شيء لها على الأب ولم أسمع من مالك فيه شيئا وإنما قلته على البنت الثيب‏.‏

في نفقة الولد على والديه وعيالهما

قلت‏:‏ أرأيت الصبي الصغير إذا كان له مال وأبواه معسران أينفق عليهما من مال هذا الابن في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك نعم ينفق عليهما من مال الولد صغيرا كان أو كبيرا إذا كان له مال وأبواه معسران ذكرا كان أو أنثى متزوجة كانت البنت أو غير متزوجة‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك إن لم تكن أمها تحت أبيها ولكنه تزوج غير أمها أينفق على أبيها وعلى امرأة أبيها من مالها‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن كان الأنثى أبيها حرائر أربع ليس فيهن أمها أتنفق على أبيها وعلى نسائه من مالها‏؟‏

قال‏:‏ إنما سمعت مالكا يقول ينفق على الأب من مال الولد ذكرا كان أو أنثى متزوجة كانت البنت أو غير متزوجة وينفق على أهل الأب من مال الولد أيضا ولم أسأله عن أربع حرائر‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ولا أرى أن ينفق على أربع حرائر ولا ثلاث ولا على أكثر من واحدة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن كان والدي معسرا وأنا موسر ولوالدي أولاد صغار أأنفق عليه وعلى إخوتي الصغار الذين في حجره من مالي وعلى كل جارية من ولد أبي في حجره بكر‏؟‏

قال‏:‏ قال لي مالك ينفق على الأب من مال الولد وعلى امرأته‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ولا أرى أن تلزمه النفقة على إخوته إلا أن يشاء‏؟‏

قال‏:‏ فقلت لمالك فالمرأة يكون لها الزوج وهو معسر ولها بن موسر أتلزم الابن النفقة على أمه وهو يقول لا أنفق عليها لأن لها زوجا‏.‏

قال مالك‏:‏ ينفق عليها ولا حجة له في أن يقول إنها تحت زوج ولا حجة له في أن قال فليفارقها هذا الزوج حتى أنفق أنا عليها ولها أن تقيم مع زوجها ويلزم ولدها نفقتها‏.‏

قلت‏:‏ فهل تلزم الولد النفقة على أبيه والنفقة على زوجة أبيه والنفقة على خادم امرأة أبيه في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ تلزم الولد النفقة على خادم يكون لأبيه إذا كان الأب معسرا والولد موسرا لذلك فأرى خادم امرأته أيضا يلزم الولد نفقتها لأن خادم امرأة أبيه تخدم الأب ولأنه لو لم يكن لها خادم كانت الخدمة من النفقة التي تلزمه‏.‏

قلت‏:‏ وكل ما أنفق الوالدان من مال الولد فأيسر الوالدان بعد ذلك لم يكن ما أنفق من مال الولد دينا عليهما في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم لا يكون دينا عليهما‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الولد هل يجبر على نفقة الوالدين إذا كان معسرا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يجبر والد على نفقة ولده ولا ولد على نفقة والدين إذا كانا معسرين‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت من كان له من الآباء خادم ومسكن أتفرض نفقته على الولد أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال لي مالك يفرض على الولد نفقة أبيه وزوجته قال ابن القاسم وخادمه يدخل في نفقة أبيه فيكون ذلك على الولد فأما الدار فلم أسمع من مالك فيها شيئا إلا أني أرى إن كانت دارا ليس فيها فضل في قيمتها عن مسكن يغنيه يكون في ثمن هذه الدار ما يبتاع به مسكنا يسكنه وفضلة يعيش فيها رأيت أن يعطي نفقة ولا تباع لأن مالكا قال لنا لو أن رجلا كانت له دار ليس في ثمنها فضل عن اشتراء مسكن يغنيه أن لو باعها وإبتاع غيرها أعطى من الزكاة فصاحب الدار في الزكاة أبعد من الزكاة من الوالد من مال الولد‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الوالدين إذا كانا معسرين والولد غائب وله مال حاضر عرض أو فرض أتعديهما على ماله‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى أن يفرض لهما نفقتهما في ذلك‏.‏

قلت‏:‏ فإن كانت الأم عديمة لا شيء لها وللولد أموال قد تصدق بها عليهم أو وهبت لهم أيفرض للأم نفقتها في مال الولد‏؟‏ قال نعم‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس بن يزيد أنه سأل ربيعة عن الولد هل يمون أبويه في عسره ويسره إذا اضطر إلى ذلك‏؟‏

قال‏:‏ ليس عليه ضمان وهو رأى رآه المسلمون أن ينفق عليهما من ماله‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة أن أبا بشر المدني قال كان يحيى بن سعيد إذ كان قاضيا فرض على رجل نفقة أبيه إن شاء وأراد‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس بن يزيد عن بن شهاب أنه قال في غلام ورث من أمه مالا أو من أبيه قالابن شهاب لا يصلح لأبيه ولا لأمه أن يأكلا من ماله ما استغنيا عنه إلا أن يحتاج الأب أو الأم فتضع يدها مع يده‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ وقاله عطاء بن أبي رباح‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أنه‏؟‏ قال لا يأخذ الابن ولا الابنة من مال أبويهما إلا بإذنهما ‏(‏وقال‏)‏ عطاء بن أبي رباح مثله‏.‏

في نفقة المسلم على ولده الكافر

قلت‏:‏ أرأيت إن أسلم الابوان وفي حجرهما جوار وأولاد لهما قد حضن واخترن الكفر على الإسلام أيجبر الأب على نفقتهن أم لا‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ ويجبر الكافر على نفقة المسلم والمسلم على نفقة الكافر‏؟‏

قال‏:‏ إذا كانوا أبا وأولادا فإنا نجبرهم‏.‏

قلت‏:‏ أتحفظه عن مالك‏؟‏

قال‏:‏ بلغني عن مالك ولم أسمعه أنه سئل عن الأب الكافر يكون محتاجا أو الأم ولها بنون مسلمون هل يلزم الولد نفقة الأبوين وهما كافران قال مالك نعم‏.‏

نفقة الوالد على ولده الأصاغر وليست الأم عنده

قلت‏:‏ أرأيت نفقة الأب على ولده الأصاغر أيجبر الأب على أن يدفع ذلك إلى أمهم‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع مالكا يحد في هذا حدا إلا أن المرأة إذا كان معها ولدها أعطيت نفقة ولدها إذا كانت مطلقة مصلحة فولدها عندها وتأخذ نفقتهم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن دعاها إلى أن تتحول معه من بلد إلى بلد وهي عنده غير مطلقة ومن موضع إلى موضع فأبت أتكون لها عليه النفقة في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم هو قوله وتخرج معه‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان لها عليه مهر فقالت لا أتبعك حتى تعطيني مهري‏.‏

قال مالك‏:‏ إن كان دخل بها خرج بها على ما أحبت أو كرهت وتتبعه بمهرها دينا وليس لها أن تمتنع منه من الخروج من أجل دينها‏.‏

ما جاء فيمن تلزم النفقة

قلت‏:‏ من تلزمني نفقته في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ الولد ولد الصلب دنية تلزمه نفقتهم في الذكور حتى يحتلموا فإذا احتلموا لم تلزمه نفقتهم والنساء حتى يتزوجن ويدخل بهن أزواجهن فإذا دخل بالبنت زوجها فلا نفقة لها عليه فإن طلقها بعد البناء بها أو مات عنها فلا نفقة لها على أبيها‏.‏

قلت‏:‏ فإن طلقها قبل البناء‏.‏

فقال‏:‏ هي على نفقتها ألا ترى أن النفقة واجبة على الأب حتى يدخل بها لأن نكاحها في يد الأب ما لم يدخل بها زوجها‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس بن يزيد أنه سأل ربيعة عن الوالد هل يضمن مؤنة ولده وإلى متى يضمنهم‏؟‏

قال‏:‏ يضمن ابنه حتى يحتلم وابنته حتى تنكح‏.‏

قلت‏:‏ فولد الولد‏.‏

فقال‏:‏ لا نفقة لهم على جدهم وكذلك لا تلزمهم النفقة على جدهم ولا يلزم المرأة النفقة على ولدها وتلزم النفقة على أبويها وإن كانت ذات زوج وإن كره ذلك زوجها كذلك قال مالك‏؟‏

قال‏:‏ والزوج تلزمه نفقة امرأته وخادم واحدة لامرأته ولا يلزمه من نفقة خدمها أكثر من خادم واحدة ولا يلزمه نفقة أخ ولا أخت ولا ذي قرابة ولا ذي رحم محرم منه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك وعلى الوارث مثل ذلك أن لا يضار‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الجارية التي لا بد لها من خادم للخدمة وعندها خادم قد ورثتها من أمها أتلزم الأب نفقة خادمها وهي بكر في حجر أبيها‏؟‏

قال‏:‏ لا أرى أن يلزم الأب نفقة خادمها وتلزمه نفقتها هي نفسها‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم وهو رأيي ويقال للأب إما أنفقت على الخادم وإما بعتها ولم تترك بغير نفقة‏.‏

قال ربيعة‏:‏ في امرأة توفي عنها زوجها ولها ولد صغير فأرادت أن تتزوج وترمي به على عمه أو وصي أبيه وليس للغلام مال‏.‏

فقال‏:‏ ربيعة يكون ذلك لها وولدها من أيتام المسلمين يحمله ما يحملهم ويسعه ما يسعهم وولي الرحم أولى من الأم بالولد إلا أن تحب الأم الحضانة فيقضي لها بحضانة ولدها لأن حجرها خير له من حجر غيرها ولا يضمن أحد نفقة اليتيم إلا أن يتطول متطول فيتفضل بما بدا له إلا ما قسم الله لأيتام المسلمين من الحق في الصدقة والفيء‏؟‏

قال‏:‏ وقال ربيعة في قول الله تبارك وتعالى‏:‏ ‏{‏وعلى الوارث مثل ذلك‏}‏‏؟‏

قال‏:‏ الوارث الولي لليتيم ولماله مثل ذلك من المعروف يقول في صحبة أمه أمره بالمعروف فيما ولى من اليتيم وماله وإن تعاسرا افتراضيا على أن يترك ذلك يسترضعه حيث أراه الله ليس على الولي في ماله شيء مفروض إلا من احتسب‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن الليث عن خالد بن يزيد عن زيد بن أسلم أنه قال في قول الله تبارك وتعالى‏:‏ ‏{‏والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين‏}‏ لمن أراد أن يتم الرضاعة إنها هي المرأة تطلق أو يموت عنها زوجها‏.‏

فقال‏:‏ وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك ‏(‏يقول‏)‏ ليس لها أن تلقي ولدها عليه ولا يجد من يرضعه وليس له أن يضارها فينتزع منها ولدها وهي تحب أن ترضعه وعلى الوارث مثل ذلك فهو ولي اليتيم‏.‏

ما جاء في الحكمين

قلت‏:‏ أرأيت الحكمين إذا حكما من هما وهل يجوز أن يكون في الحكمين المرأة والعبد والرجل المحدود ومن هو على غير الإسلام‏.‏

قال مالك‏:‏ ليست المرأة من الحكام والصبي والعبد ومن هو على غير دين الإسلام أحق أن لا يجوز تحكيمهم لا برضا من الزوج والمرأة ولا بالبعثة من السلطان‏.‏

قلت‏:‏ فالحكمان هل يكونان من غير أهل المرأة وأهل الرجل وكيف إن لم يكن لهما أهل وكيف إن كان لهما أهل وكانوا لا موضع فيهم لأنهم ليسوا من أهل النظر والعدل‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك الأمر الذي يكون فيه الحكمان إنما ذلك إذا فتح ما بين الرجل وامرأته حتى لا تثبته بينهما بينة ولا يستطاع إلى أن يتخلص إلى أمرهما فإذا بلغا ذلك بعث الوالي رجلا من أهلها ورجلا من أهله عدلين فنظرا في أمرهما واجتهدا فإن استطاعا الصلح أصلحا بينهما وإلا فرقا بينهما ثم يجوز فراقهما دون الإمام وإن رأيا أن يأخذا من مالها حتى يكون خلعا فعلا‏؟‏

قال‏:‏ فإذا كان في الأهل موضع كانوا هم أولى لعلمهم بالأمر وتعنيهم به وإنهم لم تزدهم فرابتهم منهما إذا كان فيهم من الحال التي وصفت لك من النظر والعدالة إلا قوة على ذلك وعلما به وأما إذا لم يكن في الأهل أحد يوصف بما يستحق به التحكيم أو كانا ممن لا أهل لهما فإنما معنى ذلك الذي هو عدل من المسلمين‏.‏

قلت‏:‏ فالأهلون إذا اجتمعوا على رجل يحكم وهل يكون الأهلون في ولاة العصبة أو ولاة المال أو والي اليتيم إذا كان من غير عصبته أو والي اليتيمة إذا كان كذلك وهل يكون إلى غير من يلي نفسه من الأزواج والزوجات أو هل يكون لأحد مع الذي يلي نفسه من الأزواج شريك‏؟‏

قال‏:‏ لا شرك للذين أمرهما إليهما من أحد في أمرهما إلا شرك المشورة التي المرء فيها مخير في قبولها وردها وأما شرك يمنع به صاحبه شيئا أو يعطيه فلا‏؟‏

قال‏:‏ وكذلك الأمر إلى من يلي اليتامى من الرجل والمرأة وهو لا يكون إليهم من ذلك إلا ما إليهم من الطلاق والمخالعة‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان ممن يلي نفسه من الرجل والمرأة أو من الولاة الذين يجوز أمرهم على من يلون جعلوا ذلك إلى من لا يجوز إن يكون حكما‏؟‏

قال‏:‏ لا يجوز‏.‏

قلت‏:‏ ولم وإنما جعل ذلك إليهما ولاة الأمر أو الزوج والزوجة المالكان لأمرهما‏؟‏

قال‏:‏ لأن ذلك يجري إذا حكم غير أهل الحكومة والرأي ممن وصفت لك وغيرهم ممن يخالف الإسلام كان على غير وجه الإصلاح‏؟‏

قال‏:‏ وإنما أراد الله بالحكمين وأراده ولاة العلم للإصلاح لما فسد من الزوج لزوجته ومن الزوجة لزوجها فإن ذلك يأتي تخاطرا منهما بما لا ينبغي أن يكون فيه الغرر‏.‏

قلت‏:‏ فإذا كان ذلك منهم إلى رجل واحد اجتمعا عليه هل يكون بمنزلة الحكمين لهما جميعا‏؟‏

قال‏:‏ نعم إنما هي أمورهما التي لو أخذاها دون من يحكم فيها كان ذلك لهما وكذلك هي إلى من جعلاها إليه إذا كان يستأهل أن يكون ممن يجعل ذلك إليه ليس بنصراني ولا عبد ولا صبي ولا امرأة ولا سفيه فهؤلاء لا يجوز منهم اثنان فكيف واحد‏.‏

قلت‏:‏ فلو أن بعض من لا يكون ذلك إليه جعل عن ملا منهما ورضا ففرق بينهما هل يمضي ذلك أو يكون تمالؤ مردودا‏؟‏

قال‏:‏ إذا لا يمضي ولا يكون طلاقا لأنهم ليسوا من أهل الحكم واجتهاد الرأي ولأن ذلك لم يكن على وجه التمليك تمليك الطلاق يدلك على ذلك دخول الزوجة فيه بتحكيمها ولا مدخل للزوجة في تمليك الطلاق‏.‏

قلت‏:‏ فلو قضي الحكمان بغرم على الزوج أو على المرأة كيف يكون ذلك وهل يكون ذلك بغير التخليص من المرأة والزوج في تحكيمهما حين يحكمان‏؟‏

قال‏:‏ إذا حكم الزوج والمرأة الحكمين في الفرقة والإمساك فقد حكماهما فيما يصلح ذلك بوجه السداد منهما والاجتهاد‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك إن رأيا أن يأخذا من المرأة ويغرماها مما هو مصلح لها ومخرجها من ملك من أضربها فجائز ولا ينبغي أن يأخذا من الزوج شيئا ويطلقا عليه‏.‏

قلت‏:‏ فهل يكون لهما أن يحكما من الفراق بأكثر مما يخرجانها من يده وهل يكون إذا أخرجاها بواحدة يكون له فيها رجعة‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يكون لهما أن يخرجاها من يديه بغير طلاق السنة وهي واحدة لا رجعة له فيها حكما عليه فيه بمال أو لم يحكما به لأن ما فوق ذلك خطأ وليس بصواب وليس بمصلح لهما أمرا والحكمان إنما يدخلان من أمر الزوج وزوجته فيما يصلح لهما وله جعلا‏.‏

قلت‏:‏ فلو أنهما اختلفا فطلق أحدهما ولم يطلق الآخر‏؟‏

قال‏:‏ إذا لا يكون هناك فراق لأن إلى كل واحد منهما ما إلى صاحبه بإجتماعهما عليه‏.‏

قلت‏:‏ فإن أخرجها أحدهما بغرم تغرمه المرأة وأخرجها الآخر بغير غرم‏؟‏

قال‏:‏ إذا لا يكون ذلك منهما إجتماعا لأنه ليس عليها أن تخرج شيئا بغير إجتماعهما ولأنه ليس عليه أن يفارق عليه بغير الذي لم يجتمعا عليه من المال فإن شاءت أن تمضي له من المال طوعا منها لا بحكمهما ما سمي عليها أحد الحكمين فقد اجتمعا إذا أمضت المال للزوج على الطلاق لإجتماعهما على الفرقة إذا أبت إعطاء المال إنما هو تبع في رد ذلك على الزوج بأن يقول لم يجتمعا لي على المال فيلزمها لي ولم يصل إلي ما حكم به منه أحدكما فتنقطع مقالتي فإذا أمضت هي ذلك فليس مما يشك أحد أن مما اجتمعا عليه الفراق وقد سقط مقال الزوج إذا قبض الذي حكم به أحد الحكمين بطوعها‏.‏

قلت‏:‏ فلو حكم واحد بواحدة وحكم الآخر باثنتين‏؟‏

قال‏:‏ إذا يكونان مجتمعين من ذلك على الواحدة‏.‏

قلت‏:‏ فلو طلق واحد اثنتين والآخر ثلاثا‏؟‏

قال‏:‏ قد اجتمعا على الواحدة وما زادا فهو خطأ ولأنهما لم يدخلا بما زاد على الواحدة أمرا يدخلان به صلاحا للمرأة وزوجها إلا والواحدة تجزئ من ذلك وكذلك لو حكم واحد بواحدة والآخر بالبتة لأنهما مجتمعان على الواحدة وانظر كل ما حكم به أحدهما مما هو أكثر مما حكم به صاحبه على أنهما قد إجتمعا منه على ما اصطحبا مما هو صلاح للمرأة وزوجها فما فوق ذلك من الطلاق باطل‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك لو حكما جميعا فاجتمعا على اثنتين أو على ثلاث‏؟‏

قال‏:‏ هو كما وصفت لك من أنهما لا يدخلان بما زاد على الواحدة لهما صلاحا بل قد أدخلا مضرة وقد اجتمعا على الواحدة فلا يلزم الزوج إلا واحدة‏.‏

قلت‏:‏ فلو كانت المرأة ممن لم يدخل بها هل يجري أمرها مع الحكمين مجرى المدخول بها وكيف يكون أمرهما في الصداق إن كان قد وصل إليها أو لم يصل إن رأى الحكمان أن يبطلا ماله من نصف الصداق إذا طلقاها وقد كان أوصل الصداق إليها أو حكما عليها برد الصداق كله إليه أو بزيادة‏؟‏

قال‏:‏ يجري مجرى المدخول بها قال وليس لهما أن يبطلا ما يرجع إليه من نصف الصداق ألا ترى أن مالكا لا يرى أن يؤخذ منه للمدخول بها ويطلقاها عليه وإن حكما عليه برد الصداق كله فهو جائز ألا ترى أن مالكا يقول في المدخول بها إن رأيا أن يأخذا منها ويكون خلعا فعلا‏.‏

قلت‏:‏ فإن قال أحدهما حين حكما برئت منك وقال الآخر هي خلية‏؟‏

قال‏:‏ أما المدخول بها فكأنهما قالا البتة أو ثلاثا لأن هذين الاسمين وإن اختلفا ثلاث وهما إذا اجتمعا بثلاث كانت واحدة لما أعلمتك من أنه ليس للزوج ولا للزوجة صلاح في أن يكون الطلاق أكثر مما يخرجانها من يده ولقول مالك ما زاد فهو خطأ وإنهما أدخلا مضرة بما زاد على الواحدة والواحدة بينهما‏.‏

قال مالك‏:‏ وأما التي لم يدخل بها فهي واحدة لأن الواحدة تخليها وتبين بها وإن هما نويا بذلك البتة فهي أيضا واحدة أو لا ترى أن مالكا يقول في الأمة تعتق تحت العبد وهي مدخول بها فتختار نفسها أكثر من واحدة إن ذلك ليس لها لأن الواحدة تبين بها فليس لها أن تدخل مضرة إذا كانت الواحدة تملك بها نفسها دونه وإنه جل قوله الذي كان يعتمد عليه وهو في موطا كتبه‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ وقد قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن ذكره يونس في المرأة والرجل يتبارآن وكل واحد مؤد لحق صاحبه قال هو جائز ما لم تكن المبارأة بينهما على إضرار من الرجل بها وقد كان لو أعطته مالها طيبة به نفسها كان له سائغا فإذا أخذت بذلك نفسها فذلك أجوز بما كان وإنما كان ما قيل ليقيما حدود الله في حكم الحكمين إذا بعثا إلى الرجل والمرأة فإن رأيا مظلمة جاءت من قبله فرقا بينهما ولم تقر عنده على الظلم وعلى صحبتها بالمنكر وإن رأيا الميل من قبل المرأة والعداء في صحبتها أمرا زوجها فشد يده بها وأجازا قوله عليها وأتمناه على غيبها وإن وجداهما كلاهما منكرا لحق صاحبه يسيء الدعة فيما أمره الله من صحبته فرقا بينهما على ناحية من بعض ما كان أصدقها يعطيانه إياه وإن كرهت ولكنه يقال لهما لا يؤتمن أحدكما على صاحبه وليس تعطي أيها الزوج الصداق وقبلك ناحية من الظلم وقد استمتعت بها وليس لك يا امرأة أن يفرق بينك وبينه فتذهبين بنفسك وماله وعندك من الظلم مثل الذي عنده فيعمل الحكمان في الفداء برأيهما ومشاورتهما قال الله تبارك وتعالى ‏{‏فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به‏}‏‏.‏

فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله فذلك إذا اجتمعا في المظلمة وحكم بذلك الحكمان‏.‏

قال ربيعة‏:‏ فأما إذا كان الزوج غير ظالم فكل ما أخذ من امرأته فهو حلال إن كانت محسنة أو مسيئة‏.‏

قال ربيعة‏:‏ وليس للحكمين أن يبعثا إلا بالسلطان وما قضي به الحكمان فهو جائز في فراق أو بضع أو مال‏.‏

قال ربيعة‏:‏ ولا يحرم نكاحها وإن فرق بينهما الحكمان‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقد قال ربيعة لا يبعث الحكمين إلا السلطان فكيف يجاز تحكيم المرأة والعبد والصبي والنصراني والمسخوط ‏(‏وقالابن وهب‏)‏ عن يونس عن بن شهاب قال إن أرادا بعد أن يبعثا الحكمين الخلع فتقاضيا عليه دون الحكمين فإنه يجوز إذا أتى ذلك من قبل المرأة‏.‏

قالاابن وهب‏:‏ وقد بعث عثمان بن عفان عبد الله بن عباس ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنهم يحكمان بين عقيل بن أبي طالب وبين امرأته فاطمة بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس وكانا قد تفاقم الذي بينهما فلما اقتربا من مسكن عقيل بن أبي طالب إذا رائحة طيب وهدو من الصوت فقال معاوية ارجع فإني أرجو أن يكونا قد اصطلحا قال ابن عباس أو لا تمضي فننظر في أمرهما فقال معاوية فتفعل ماذا فقال ابن عباس أقسم بالله لئن دخلت عليهما فرأيت الذي أخاف عليهما منهما لأحكمن عليهما بالخلع ثم لأفرقن بينهما‏.‏

قال مالك‏:‏ وبلغني أن علي بن أبي طالب قال في الحكمين اللذين قال الله تبارك وتعالى‏:‏ ‏{‏ حكما من أهله وحكما من أهلها‏}‏ إنه قال إليهما أن يفرقا بينهما وإن يجمعا‏.‏

قال مالك‏:‏ وأحسن ما سمعت من أهل العلم أنه يجوز أمر الحكمين عليهم‏.‏

كتاب التخيير والتمليك

ما جاء في التخيير

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت إذا قال الرجل لامرأته وهي مدخول بها إختاري نفسك فقالت قد اخترت نفسي فناكرها الزوج‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا تنفعه المناكرة وهي ثلاث تطليقات‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال لها اختاري نفسك فقالت قد قبلت أمري‏؟‏

قال‏:‏ تسئل عما أرادت فإن قالت قد قبلت أمري أرادت بذلك أنني قد قبلت ما جعل لي من الخيار ولم أطلق قبل لها فطلقي إن أردت أو ردي فإن طلقت ثلاثا لم يكن للزوج أن يناكرها وإن طلقت نفسها واحدة أو اثنتين لم يكن ذلك لها ولم يلزم الزوج من ذلك شيء وإنما يلزم الزوج إذا طلقت نفسها ثلاثا لأن الزوج إنما خيرها فإذا خيرها إنما لها أن تطلق نفسها ثلاثا أو ترد ذلك وليس لها أن تطلق واحدة ولا اثنتين وهذا قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ فإن قال لها اختاري فقالت قد قبلت أمري وقالت أردت بذلك الطلاق‏؟‏

قال‏:‏ تسئل عما أرادت من الطلاق فإن كانت إنما أرادت تطليقة واحدة فليس ذلك الطلاق بلازم للزوج وإن كانت أرادت اثنتين فليس ذلك أيضا بلازم للزوج وإن كانت أرادت بذلك ثلاثا ألزم الزوج ذلك ولم يكن للزوج أن يناكرها وإنما ينظر في الخيار وفي التمليك إلى ما قال الزوج فإن قال اختاري فهذا خيار وإن قال أمرك بيدك فهذا تمليك وتسئل المرأة عما وصفت لك في التمليك وفي التخيير كما وصفت لك أيضا ولا يكون في الخيار للزوج أن يناكرها ويكون له في التمليك أن يناكرها‏.‏

قلت‏:‏ ما فرق ما بين التمليك والخيار في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لأن الخيار قد جعل لها أن تقيم عنده أو تبين منه وهي لا تبين منه بالواحدة فلما كانت الواحدة لا بينها علمنا أنه إذا خيرها فأراد أن تبين منه فإنما جعل ذلك إليها في الثلاث وأما التمليك فهذا لم يجعل لها الخيار في أن تبين منه أو تقيم عنده إنما جعل لها أن تطلق نفسها واحدة أو اثنتين أو ثلاثا إلا أن يناكرها فيعلم أنه لم يجعل لها إلا ما قال مع يمينه ويكون أملك بها ألا ترى أنه لو ملكها فطلقت نفسها واحدة وقال الزوج كذلك أردت واحدة كان أملك بها فهو في التمليك جعل لها أن تطلق نفسها طلاقا يملك الزوج فيه الرجعة وفي الخيار لم يجعل لها أن تطلق نفسها طلاقا يملك الزوج فيه الرجعة ألا ترى أنه إذا ناكرها في الخيار لم يكن ذلك له‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال الرجل لامرأته اختاري في أن تطلقي نفسك تطليقة واحدة وفي أن تقيمي فقالت قد اخترت نفسي أيكون ذلك ثلاثا أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نزلت بالمدينة وسئل مالك عنها فقال مالك الله ما أردت بقولك ذلك حين قلت اختاري في واحدة إلا واحدة قال الزوج نعم والله ما أردت إلا واحدة قال مالك أرى ذلك لك وهي واحدة وأنت أملك بها‏.‏

قلت‏:‏ وكيف كانت المسألة التي سألوا مالكا عنها‏؟‏

قال‏:‏ سألوا مالكا عن رجل‏؟‏ قال لامرأته اختاري في واحدة فأجابهم بما أخبرتك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال لها اختاري تطليقة فقالت قد اخترتها أتكون ثلاثا أم واحدة في قول مالك أو قالت قد اخترت نفسي‏؟‏

قال‏:‏ سمعت مالكا يقول إذا قال لها اختاري في تطليقة إنه ليس لها أكثر من تطليقة واحدة‏.‏

قلت‏:‏ ويملك رجعتها أم تكون بائنا قال بل يملك رجعتها قلت وكذلك لو ملكها أمرها فطلقت نفسها واحدة أنه يملك رجعتها‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك نعم يملك رجعتها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الذي يقول لامرأته اختاري فقالت قد اخترت تطليقتين‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا شيء لها إلا أن تطلق نفسها ثلاثا لأن الخيار عند مالك ثلاث فإذا اختارت غير ما جعل لها الزوج فلا يقع ذلك عليها‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك إذا قال لها اختاري في تطليقتين فإختارت واحدة‏؟‏

قال‏:‏ لا يقع عليها شيء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال لها طلقي نفسك ثلاثا فقالت قد طلقت نفسي واحدة‏؟‏

قال‏:‏ لا يقع عليها شيء في رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال لها إختاري فقالت قد خليت سبيلك وهي مدخول بها وأرادت بقولها قد خليت سبيلك واحدة‏؟‏

قال‏:‏ لا يقع عليها من الطلاق شيء لأن مالكا قال في الذي يخير امرأته وهي مدخول بها فتقضي واحدة إنه لا يقع عليها شيء لأنه إنما خيرها في الثلاث ولم يخيرها في الواحدة ولا في الاثنتين‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال لها إختاري اليوم كله فمضى ذلك اليوم ولم تختر‏؟‏

قال‏:‏ أرى أنه ليس لها أن تختار إذا مضى ذلك اليوم كله لأن مالكا قال في قوله الأول إن خيرها فلم تختر حتى يفترقا من مجلسهما فلا خيار لها فكذلك مسألتك إذا مضى الوقت الذي جعل لها الخيار إليه فلا خيار لها‏.‏

وأما قوله الآخر فلها أن تختار وإن مضى ذلك الوقت لأن مالكا قال لي في الرجل يخير امرأته فيفترقان قبل أن تقضي إن لها أن تقضي حتى توقف أو حتى يجامعها وقوله الأول أعجب إلي وأنا آخذ به وهو الذي عليه جماعة الناس‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا قال لها إذا جاء غد فقد جعلت لك الخيار‏؟‏

قال‏:‏ توقف الساعة كذلك قال مالك فتقضي أو ترد فإن وطئها قبل غد فلا شيء بيدها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال لها يوم أتزوجك فإختاري فتزوجها أيكون لها الخيار‏؟‏

قال‏:‏ نعم يكون لها أن تختار‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال كلما تزوجتك فلك الخيار أيكون لها أن تختار كلما تزوجها‏؟‏

قال‏:‏ نعم لأن مالكا قال في رجل‏؟‏ قال لامرأته أنت طالق كلما تزوجتك قال مالك كلما تزوجها وقع الطلاق‏.‏

قلت‏:‏ ويقع على هذه الطلاق بعد ثلاث تطليقات‏؟‏

قال‏:‏ نعم لأنه قال كلما تزوجتك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن‏؟‏ قال لامرأته إذا قدم فلان فإختاري‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك وبلغني ولم أسمعه أنه قال في رجل‏؟‏ قال لامرأته إذا قدم فلان فأنت طالق إنها لا تطلق عليه حتى يقدم فلان فإن قدم وقع الطلاق فإن لم يقدم فلان لم يقع الطلاق فمسألتك في الخيار مثل هذا‏.‏

قلت‏:‏ ولا يحال بينه وبين وطئها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم لا يحال بينه وبينها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قدم فلان ولم تعلم المرأة بقدومه إلا بعد زمان وقد كان زوجها يطؤها بعد قدوم فلان‏؟‏

قال‏:‏ لها الخيار إذا لم تعلم بقدوم فلان حين قدم فلان ولا يكون جماع زوجها إياها قطعا لما كان لها من الخيار إذا لم تعلم بقدوم فلان‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا خير امرأته فلما خيرها خاف أن تختار نفسها فقال لها خذي مني ألف درهم على أن تختاريني فقالت قد فعلت فإختارت زوجها على تلك الألف أيلزم الزوج تلك الألف الدرهم أم لا‏؟‏ قال‏:‏ يلزم الزوج الألف الدرهم لأن من تزوج امرأة وشرط لها أن لا يتسرر عليها ولا يتزوج عليها فإن فعل فأمرها بيدها ففعل فأرادت أن تطلق نفسها فقال لها زوجها لا تفعلي ولك ألف درهم فرضيت بذلك إن ذلك لازم للزوج لأنها تركت له شرطها بهذه الألف فكذلك مسألتك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال لها إختاري فقالت قد اخترت نفسي إن دخلت على ضرتي أيكون هذا قطعا لخيارها أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيها شيئا ولكن توقف فتختار أو تترك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال لها وهي مدخول بها إختاري فقالت قد خليت سبيلك ولا نية لها‏؟‏

قال‏:‏ هي ثلاث البتة وذلك أني جعلتها ها هنا بمنزلة الزوج أن لو قال لها ابتداء منه قد خليت سبيلك ولا نية له‏؟‏

قال‏:‏ هي البتة وذلك أني جعلتها ها هنا بمنزلة الزوج وهذا قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المرأة التي لم يدخل بها زوجها إذا خيرها زوجها فقال لها اختاري فقالت قد اخترت نفسي فقال الزوج لم أرد إلا واحدة وقالت الجارية قد اخترت نفسي فأنا طالق ثلاثا‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في هذه إنها واحدة والقول فيها في الخيار قول الزوج لأن الزوج لم يبن بها والواحدة تبينها فلما كانت الواحدة تبينها كان الخيار أو التمليك في هذه التي لم يدخل بها سواء إذا ناكرها في الخيار ونوى حين خيرها واحدة وإن لم ينو شيئا حين ناكرها فهي ثلاث البتة في التمليك وفي التخيير وكذلك قال مالك في الذي يملك امرأته أمرها ولا نية له في واحدة ولا في اثنتين ولا في ثلاث فطلقت نفسها ثلاثا فناكرها إنها طالق ثلاثا ولا تنفعه مناكرته إياها لأنه لم يكن له نية في واحدة ولا في اثنتين حين ملكها‏.‏

قلت‏:‏ والمدخول بها وغير المدخول بها إذا ملكها أمرها ولا نية له فطلقت نفسها ثلاثا لم يكن له أن يناكرها‏؟‏

قال‏:‏ سمعت مالكا يقول ذلك إذا ملكها أمرها ولا نية له فالقضاء ما قضت وليس له أن يناكرها ولم أسأله عن التي دخل بها والتي لم يدخل بها وهما عندي سواء وليس له أن يناكرها دخل بها أو لم يدخل بها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن خيرها قبل البناء بها ولا نية له في واحدة ولا في اثنتين ولا في ثلاث فإختارت نفسها وطلقت نفسها ثلاثا لم يكن له أن يناكرها‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا خير الرجل امرأته ولا نية له حين خيرها وذلك قبل البناء بها إنها إن طلقت ثلاثا أو إختارت نفسها فليس للزوج أن يناكرها فكذلك التمليك عندي أنا في التي لم يدخل بها‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك ألا ترى إلى حديث بن عمر أنه قال القضاء ما قضت إلا أن ينوي أن يناكرها فيحلف على ما نوى ألا ترى أنه إذا كانت له نية كان ذلك له ويحلف على ذلك في التمليك فإن لم تكن له نية كان التمليك والخيار سواء وليس له أن يناكرها إذا قضت والتي لم يدخل بها له أن يناكرها في الخيار إذا خيرها إذا كانت نيته حين خيرها في واحدة أو اثنتين‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال لها إختاري وهي غير مدخول بها فقالت قد خليت سبيلك‏؟‏

قال‏:‏ تسئل عن نيتها ما أرادت بقولها قد خليت سبيلك فإن أرادت الثلاث فهي الثلاث إلا أن يناكرها لأنها غير مدخول بها لأن مالكا قال في الذي يخير امرأته قبل الدخول بها فتقضي بالبتات إن له أن يناكرها وإن خيرها ولا نية له فقالت قد خليت سبيلك وهي غير مدخول بها‏؟‏

قال‏:‏ هي ثلاث لأن الزوج قد جعل إليها ما كان في يديه من ذلك حين خيرها ولا نية له فلما قالت قد خليت سبيلك كانت بمنزلة أن لو ابتدأ ذلك زوجها من غير أن يملكها فقال لها وهي غير مدخول بها قد خليت سبيلك ولا نية له إنها ثلاث‏.‏

فهذا يدلك على مسألتك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال لها أنت طالق إن شئت أو إختاري أو أمرك بيدك أيكون ذلك لها إن قامت من مجلسها في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ كان مالك مرة يقول ذلك لها ما دامت في مجلسها فإن تفرقا فلا شيء لها فقيل لمالك فلو أن رجلا‏؟‏ قال لامرأته أمرك بيدك ثم وثب فارا يريد أن يقطع بذلك عنها ما كان جعل لها من التمليك‏؟‏

قال‏:‏ لا يقطع ذلك عنها الذي جعل لها من التمليك‏.‏

فقيل لمالك فما حده عندك فقال إذا قعد معها قدر ما يرى الناس أنها تختار في مثله وإن فراقه إياها لم يرد بذلك فرارا إلا أنه قام على وجه ما يقام له فلا خيار للمرأة بعد ذلك فكان هذا قوله قديما ثم رجع فقال أرى ذلك بيدها حتى توقف‏؟‏

قال‏:‏ فقيل لمالك كأنك رأيته مثل التي تقول قد قبلت وتفرقا ولم تقض شيئا‏؟‏

قال‏:‏ نعم ذلك في يديها إن قالت في مجلسها ذلك قد قبلت أو لم تقل قد قبلت فذلك في يديها حتى توقف أو توطأ قبل أن تقضي فلا شيء لها بعد ذلك وقوله إختاري إن ذلك لها في قول مالك مثل ما يكون لها في قوله لها أمرك بيدك‏.‏

وكذلك قال مالك في الخيار وأمرك بيده لأنه سواء في الذي يجعل منه إلى المرأة وقوله الأول أعجب إلي إذا تفرقا فلا شيء لها وهو الذي عليه جماعة الناس‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وإذا قال الرجل لامرأته أنت طالق إن شئت إن ذلك في يديها وإن قامت من مجلسها ولم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن تمكنه من نفسها قبل أن تقضي وأرى أن توقف فإما أن تقضي وإما أن يبطل ما كان في يديها من ذلك وإنما قلت ذلك لأنه حين قال لها أنت طالق إن شئت كأنه تفويض فوضه إليها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا خير الرجل امرأته حتى متى يكون لها أن تقضي في قولك مالك‏؟‏

قال‏:‏ يكون لها أن تقضي إلى مثل ما أخبرتك في التمليك إلى أن يفترقا فإن تفرقا فلا شيء لها بعد ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال لها إختاري فقالت قد اخترت نفسي فقال لها إني لم أرد الطلاق وإنما أردت أن تختاري أي ثوب أشتريه لك من السوق‏؟‏

قال‏:‏ هل كان كلام قبل ذلك يدل على قول الزوج‏؟‏ قال لا‏؟‏

قال‏:‏ فهي طالق ثلاثا لأن مالكا قال في رجل يقول لامرأته أنت مني بريئة ولا يكون قبل ذلك كلام كان هذا القول من الزوج جوابا لذلك الكلام إنها طالق ثلاثا ولا يدين الزوج في ذلك فكذلك مسئلتك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن خير رجل امرأته فقالت قد طلقت نفسي أيكون واحدة أو ثلاثا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ تسئل المرأة عما طلقت نفسها أواحدة أو ثلاثا‏.‏

قلت‏:‏ فإن قالت إنما طلقت نفسي واحدة أتكون واحدة أم لا‏؟‏ تكون شيئا‏؟‏

قال‏:‏ لا تكون شيئا في قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك إن قالت إنما طلقت نفسي اثنتين لا يكون ذلك طلاقا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم لا يكون طلاقا في قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ فإن قالت أردت بقولي طلقت نفسي ثلاثا أيكون القول قولها ولا يجوز مناكرة الزوج إياها في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال لها إختاري ولم يقل نفسك أو قال لها إختاري نفسك فقضت في الوجهين جميعا أهما سواء في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ أما في قوله لها أختاري فقد أخبرتك بقول مالك إن كان كلام قبل ذلك يكون قول الزوج أختاري جوابا لذلك فالقول قول الزوج وإلا فالقضاء ما قضت المرأة‏.‏

قلت‏:‏ فإن قال لها إختاري نفسك وقد كان قبل ذلك كلام يعلم من أن قول الزوج إختاري نفسك كان جوابا لذلك الكلام أيدين الزوج في ذلك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ بن القاسم نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال لها إختاري نفسك فقالت قد قبلت أمري أو قالت قد قبلت أو قالت قد رضيت أو قالت قد شئت‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في الذي يقول لامرأته إختاري فقالت قد قبلت أمري أو قالت قد قبلت ولم تقل أمري إنها تسئل عن ذلك فيكون القول قولها إنها طلقت نفسها ثلاثا أو واحدة أو اثنتين فإن كانت واحدة أو اثنتين فلا يقع عليه شيء وإن كانت أرادت بذلك ثلاثا فهي ثلاث وسألت مالكا عن هذا غير مرة فقال مثل ما أخبرتك في قولها قد قبلت ولم تقل أمري أو قد قبلت أمري‏؟‏

قال‏:‏ وكذلك قال لي مالك في الذي يقول لامرأته إختاري فتقول قد اخترت ولا تقول أمري أو اخترت أمري إنها تسئل عن ذلك ما أرادت فإن قالت لم أرد به الطلاق كان القول قولها وإن قالت أردت واحدة أو اثنتين لم يكن ذلك بشيء وإن قالت أردت ثلاثا فالقول قولها وليس للزوج أن يناكرها‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ فكل شيء يكون من قبل المرأة لا يستدل به على البتات إلا بقولها لأن له وجوها في تصاريف الكلام فتلك التي تسئل عما أرادت بذلك القول ‏(‏‏)‏ قال لي مالك والتمليك بهذه المنزلة إلا أن له أن يناكرها فيه إذا قضت بالبتات ويحلف على نيته إن كانت له وإن لم تكن له نية حين ملكها وأراد أن يناكرها حين قضت بالثلاث فليس له أن يناكرها لأني سألت مالكا عن الرجل يقول لامرأته أمرك بيدك فتقول قد طلقت نفسي البتة ويناكرها فيقال له أنويت شيئا فيقول لا ولكن أريد أن أناكرها الآن‏؟‏

قال‏:‏ ليس ذلك له إلا أن يكون نوى حين ملكها في كلامه الذي ملكها فيه ألا ترى أن بن عمر قال القضاء ما قضت إلا أن يناكرها فيحلف على ما نوى فهذا في قول بن عمر له نية‏.‏

قلت‏:‏ فيم تكون به المرأة بائنة من زوجها إذا خيرها فقضت بأي كلام تكون بائنة ولا تسئل عما أرادته‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا قالت قد اخترت نفسي أو قد قبلت نفسي أو قد طلقت نفسي ثلاثا أو قد بنت منك أو حرمت عليك أو قد برئت منك أو قد بنت منك فهذا كله في الخيار والتمليك قال مالك لا تسئل المرأة عن نيتها وهو البتات إلا أن يناكرها في التمليك بحال ما وصفت لك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت في هذا كله إذا خيرها فقالت لزوجها قد طلقتك ثلاثا أو قد بنت مني أو قد حرمت علي أو قالت قد برئت مني أو نحو هذا‏؟‏

قال‏:‏ هذا كله في قول مالك ثلاث ثلاث‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال لها اختاري نفسك فقالت قد فعلت أتسألها عن نيتها في قول مالك ما أرادت بقولها قد فعلت والزوج قد قال لها إختاري نفسك‏؟‏

قال‏:‏ نعم في قول مالك إنها تسئل عن نيتها وسواء إن قال لها ها هنا اختاري أو إختاري نفسك فقالت قد فعلت إنها تسئل عما أرادت بقولها قد فعلت‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا قال الرجل لامرأته إختاري أباك أو أمك‏؟‏

قال‏:‏ سئل مالك عن رجل كانت امرأته تكثر عليه مما تستأذنه إلى الحمام والخروج إلى الحمام وأخرى كانت في منزل لزوجها فكانت تخرج منه إلى غرفة في الدار لجيران لها تغزل فيها فقال أحد الزوجين لامرأته إما أن تختاريني وإما أن تختاري الحمام وقال الآخر إما أن تختاريني وإما أن تختاري الغرفة فإنك قد أكثرت علي‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إن لم يكن أراد بذلك طلاقا فلا أرى عليه طلاقا فالذي سألت عنه في الذي يقول اختاري أباك أو أمك إن أراد به الطلاق فهو الطلاق وإن لم يرد به الطلاق فلا شيء عليه‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ومعنى قوله إن أراد به الطلاق إنه الطلاق إنما يكون طلاقا إذا إختارت الشيء الذي خيرها فيه بمنزلة ما لو خيرها نفسها فإن لم تختر فلا شيء لها‏؟‏

قال‏:‏ وسئل مالك عن رجل‏؟‏ قال لامرأته قد أكثرت مما تذهبين إلى الحمام فإختاري الحمام أو اختاريني فقالت قد اخترت الحمام‏.‏

قال مالك‏:‏ أرى أن يسئل الزوج عن نيته فإن أراد طلاقا فهو طلاق وإن لم يرد الطلاق فلا شيء عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال رجل لرجل خير امرأتي وامرأته تسمع فقالت المرأة قد اخترت نفسي قبل أن يقول لها الرجل اختاري‏؟‏

قال‏:‏ القضاء ما قضت إلا أن يكون الزوج إنما أراد أن يجعل ذلك إلى هذا الرجل يقول خيرها إن شئت أو يكون قبل ذلك كلام يستدل به على أن الزوج إنما أراد بهذا أن يجعل ذلك إلى ذلك الرجل إن أحب أن يخيرها خيرها وإلا فلا خيار للمرأة فإن كان كلام يستدل به على هذا فلا خيار للمرأة إلا أن يخيرها الرجل وإن كان إنما أرسله رسولا فإنما هو بمنزلة رجل قال لرجل أعلم امرأتي أني قد خيرتها فعلمت المرأة بذلك فإختارت فالقضاء ما قضت‏.‏

قال سحنون‏:‏ قالابن وهب وأخبرني موسى بن علي ويونس بن يزيد عن بن شهاب قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن عائشة زوج النبي أخبرته قالت لما أمر رسول الله بتخيير أزواجه بدأ بي فقال إني ذاكر لك أمرا فلا عليك أن لا تعجلي متى تسأمري أبويك قالت وقد علم أن أبوي لم يكونا ليأمراني بفراقه قالت ثم تلا هذه الآية يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا قالت فقلت ففي أي هذا أستأمر أبوي فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة قالت عائشة ثم فعل أزواج النبي مثل ما فعلت ولم يكن ذلك حين قال لهن رسول الله واخترته طلاقا من أجل أنهن اخترنه قال‏.‏

قال مالك‏:‏ قال ابن شهاب قد خير رسول الله نساءه حين أمره الله بذلك فاخترنه فلم يكن تخييرهن طلاقا ‏(‏وذكر‏)‏ بن وهب عن زيد بن ثابت وعمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس وسليمان بن يسار وبن مسعود وعائشة زوج النبي وبن شهاب وربيعة وعمر بن عبد العزيز وعطاء بن أبي رباح كلهم يقول إذا اختارت زوجها فليس بشيء‏؟‏

قال‏:‏ وأخبرني بن وهب عن عبد الجبار بن عمر عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال قد خير رسول الله نساءه فقررن تحته واخترن الله ورسوله فلم يكن ذلك طلاقا واختارت واحدة منهن نفسها فذهبت قال ربيعة فكانت البتة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال رجل في المسجد بشهادة رجال أشهدوا أني قد خيرت امرأتي ثم مضى إلى البيت فوطئها قبل أن تعلم أيكون لها أن تقضي إذا علمت وقد وطئها‏؟‏

قال‏:‏ نعم يكون لها أن تقضي إذا علمت ويعاقب فيما فعل من وطئه إياها قبل أن يعلمها لأن مالكا قال في الرجل يتزوج المرأة ويشترط لها إن تزوج عليها أو تسرر فأمرها بيدها فتزوج أو تسرر وهي لا تعلم قال مالك لا ينبغي له أن يطأها حتى يعلمها فتقضي أو تترك‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأرى إذا وطىء قبل أن تعلم فإن ذلك بيدها إذا علمت تقضي أو تترك‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك وكذلك الأمة إذا عتقت تحت العبد إذا أعتقت فتوطأ قبل أن تعلم فإن لها الخيار إذا علمت ولا يقطع وطؤه خيارها إلا أن يطأها بعد علمها‏.‏

قلت‏:‏ ويحول مالك بين وطء العبد الأمة إذا عتقت وهي تحته حتى تختار أو تترك‏؟‏

قال‏:‏ نعم قال مالك لها أن تمنعه حتى تختار وتستشير فإن أمكنته بعد العلم فلا خيار لها‏.‏

قال عبد الجبار‏:‏ وحدثني بن شهاب أن امرأة منهن اختارت نفسها فذهبت وكانت بدوية‏؟‏

قال‏:‏ وسمعت يحيى بن عبد الله بن سالم يحدث عن ربيعة وغيره أن رسول الله حين خير أزواجه فإختارت امرأة منهن نفسها فكانت البتة‏؟‏

قال‏:‏ وحدثني بن لهيعة عن خالد بن يزيد وبن أبي حبيب وسعيد بن أبي هلال عن عمرو بن شعيب بنحو ذلك فقالوا اختارت الرجعة إلى أهلها وهي بنت الضحاك العامري‏.‏

ابن وهب‏:‏ قال وأخبرني رجال من أهل العلم عن زيد بن ثابت وبن أبي عبد الرحمن إن إختارت نفسها فهي البتة‏.‏

قال ربيعة‏:‏ لم يبلغنا أثبت من أنها لا تقضي إلا في البتة أو الإقامة على غير تطليقة وليس بين أن يفارق أو يقيم بغير طلاق شيء‏.‏

ابن وهب‏:‏ قال يونس عن بن شهاب أنه قال إن قال اختاري ثم قال قد رجعت في أمري وذلك قبل أن تبت طلاقها وقبل أن يفترقا وقبل أن تتكلم بشيء فقال ليس ذلك إليه ولا له حتى تتبين هي‏؟‏

قال‏:‏ فإن ملك ذلك غيرها فهي بتلك المنزلة ‏(‏وقال الليث‏)‏ مثل قول ربيعة ومالك في الخيار‏.‏